العلاقات التركية مع دول آسيا الوسطى

إن نيل جمهوريات آسيا الوسطى لاستقلالها أضافت بعداً جديداً إلى السياسة الخارجية التركية، حيث تطورت علاقات التعاون بين تركيا وهذه الدول التي ترتبط معها تركيا بروابط اللغة والتاريخ والثقافة المشتركة، بشكل سريع استناداً إلى المنفعة المتبادلة.


ويمكن تلخيص السياسة العامة التركية حيال آسيا الوسطى بأنها تدعم دول هذه المنطقة فيما يخص مواصلتها لوجودها كدول مستقلة، ومستقرة سياسياً واقتصادياً، ومتعاونة فيما بينها ومع جوارها، ومتكاملة مع المجتمع الدولي ومتمسكة بالقيم الديمقراطية. وبفضل هذه السياسة أصبحت تركيا شريكة هامة لدول المنطقة.


اعترفت تركيا على الفور باستقلال هذه الدول ودون أي تمييز فيما بينها، ومازالت تقدم الدعم الاقتصادي لها. وتواصل وكالة التعاون والتنسيق التركية (TİKA) التي تأتي في مقدمة الوكالات التي تقدم مساعدات تنموية لدول المنطقة، لعب دور فعال في المنطقة عبر تنظيم البرامج التعليمية والمشاريع والمساعدات التقنية.


وتعتبر تركيا إحدى أكبر 20 اقتصاداً في العالم، وإحدى أهم اللاعبين في المنطقة من حيث أرقام النمو التي حققتها، لذا فإنها تقدم فرصاً استثمارية هامة لدول المنطقة.


أنشأت تركيا العديد من الآليات مع هذه الدول كالزيارات المتبادلة واللجان الاقتصادية المشتركة ولجان النقل البري المشتركة ومجالس رجال الأعمال ومجالس التعاون الاستراتيجية رفيعة المستوى، هدفت من خلالها إلى زيادة مجالات التعاون وتنويعها مع هذه الدول.


بلغ حجم التبادل التجاري بين تركيا ودول المنطقة 7 مليارات دولار لغاية نهاية عام 2016، بينما بلغت قيمة استثمارات الشركات التركية في دول المنطقة 14 مليار دولار لغاية نهاية شهر كانون الأول/ديسمبر 2017. أما قيمة المشاريع التي نفذتها شركات المقاولات التركية في دول المنطقة فقد تجاوزت 86 مليار دولار، حيث توجد أكثر من 4 آلاف شركة تركية تمارس نشاطاتها في المنطقة.

وصلت العلاقات القائمة بين تركيا وكازاخستان وتركيا وقرغيزيا مستويات الشراكة الاستراتيجية، حيث تسير العلاقات بين تركيا وهاتين الدولتين في إطار آلية مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى. كما تقرر إنشاء مجلس تعاون بين تركيا وطاجكستان. وتتطور العلاقات بين تركيا وتركمانستان بسرعة في الكثير من المجالات، وخاصة في مجال التجارة والاقتصاد والاستثمارات والمقاولات. وكذلك هناك زخم كبير تشهده العلاقات التركية الأوزبكية في الآونة الأخيرة.


وتنفذ تركيا أيضاً برنامجاً كبيراً للمنح الدراسية يحمل عنوان المنح التركية، للطلاب في آسيا الوسطى والدول الأخرى في المنطقة. وهنالك مدارس تركية في جمهوريات آسيا الوسطى، تتبع لوزارة التربية الوطنية التركية. وتوجد في مدينة تركستان الكازاخية جامعة الشيخ أحمد ياساوي الدولية التركية الكازاخية، وتوجد في العاصمة القرغيزية بيشكاك جامعة ماناس التركية القرغيزية.


وإضافة إلى تطوير العلاقات الثنائية بين تركيا وهذه الدول، فإن تركيا تولي أيضاً أهمية خاصة للتعاون المتعدد الأطراف بين دول العالم التركي. وانطلاقاً من هذا المفهوم، لعبت تركيا دوراً رائداً في مسار "قمم قادة الدول الناطقة بالتركية" التي بدأت بالانعقاد في عام 1992 ولغاية الآن، وذلك من أجل زيادة التضامن بين الدول الناطقة بالتركية وخلق فرص تعاون جديدة فيما بينها. وقد تحولت عملية تنظيم هذه القمم إلى هيكلية مؤسساتية من خلال التوقيع على اتفاقية ناهتشيفان المتعلقة بتأسيس مجلس تعاون بين الدول الناطقة بالتركية، والتي تم التوقيع عليها بتاريخ 3 تشرين الأول/أكتوبر 2009. كما تأسس المجلس المذكور في القمة العاشرة لقادة الدول الناطقة بالتركية التي عقدت في إسطنبول في شهر أيلول/سبتمبر 2010، حيث أقيم مقر الأمانة العامة للمجلس في إسطنبول وبدأ المجلس بمباشرة مهامه من هناك. ويواصل مجلس التعاون فيما بين الدول الناطقة بالتركية (المجلس التركي) نشاطاته في إطار الفعاليات المنتظمة التي يتم تنظيمها على كافة الصعد والمستويات.


وتطورت العلاقات التركية مع دول آسيا الوسطى بشكل سريع في المجالات الثقافية والتربوية أيضاً، ففي عام 1993 تم إنشاء منظمة الثقافة التركية الدولية (TÜRKSOY) من أجل حماية الثقافة والتراث والفن واللغة التركية وترويجها عالمياً ونقلها من جيل إلى جيل.


وفي موازاة ذلك، وقعت تركيا وأذربيجان وكازاخستان وقرغيزيا بتاريخ 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 على اتفاقية إسطنبول حول تأسيس الجمعية البرلمانية للدول الناطقة بالتركية، حيث عقدت الهيئة العامة للجمعية اجتماعها السابع يومي 7-8 كانون الأول/ديسمبر 2017 بمشاركة السيد إسماعيل كهرمان رئيس مجلس الأمة التركي الكبير.