العلاقات التركية مع الدول الأفريقية

في إطار السياسة الخارجية المتعددة الأبعاد التي تتبعها تركيا التي تعتبر في الأساس دولة أفروآسيوية، أعدت في عام 1998 خطة الانفتاح على أفريقيا من أجل تحقيق نقلة نوعية على صعيد العلاقات السياسية والعسكرية والثقافية والاقتصادية بين تركيا والدول الأفريقية. وفي هذا السياق، أعدت مستشارية التجارة الخارجية في الجمهورية التركية في بداية عام 2003 "استراتيجية تطوير العلاقات الاقتصادية مع الدول الأفريقية" وأعلنت حكومة الجمهورية التركية عام 2005 "عام أفريقيا". وإضافة إلى ذلك، تنوعت العلاقات التركية مع القارة الأفريقية وتطورت بفضل زيادة عدد الزيارات المتبادلة الرفيعة المستوى وتوقيع الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية الجديدة وإنشاء الآليات الثنائية الاقتصادية والسياسية وتشجيع الزيارات المتبادلة للوفود التجارية.

 نالت تركيا بتاريخ 12 نيسان 2005 صفة مراقب في الاتحاد الأفريقي، وكلفت سفارتها لدى أديس أبابا بتاريخ 5 أيار 2005 لتكون سفارة الجمهورية التركية المعتمدة لدى الاتحاد الأفريقي. كما قام الاتحاد الأفريقي بالقرار الذي اتخذه في اجتماع القمة العاشر الذي عقد في أديس أبابا في شهر كانون الثاني 2008 بإعلان تركيا شريكا استراتيجيا له.

 واعتمدت تركيا سفارتها في أبوجا لدى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ECOWAS اعتبارا من شهر أيار 2005. كما أن تركيا التي انضمت إلى منتدى الشركاء الدولي التابع للهيئة الحكومية الدولية للتنمية IGAD في شهر حزيران 2008، قامت باعتماد سفارتها في دار السلام لدى مجموعة دول أفريقيا الشرقية EAC.

 وتمت المصادقة أثناء اجتماع المانحين الذي عقد يومي 14-15 أيار 2008 على الطلب الذي تقدمت به تركيا في شهر شباط 2008 من أجل نيل عضوية بنك التنمية الأفريقي وصندوق التنمية الأفريقي. وبذلك أصبحت تركيا العضو الخامس والعشرين في بنك التنمية الأفريقي من خارج أفريقيا.

 ومن أجل تقييم المرحلة التي وصلت إليها العلاقات بين تركيا والدول الأفريقية وتحديد الطرق والوسائل الكفيلة بتعزيز هذه العلاقات، عقد في إسطنبول قمة التعاون التركية الأفريقية الأولى في الفترة ما بين 18 – 21 آب 2008 بمشاركة 49 دولة أفريقية وممثلو 11 منظمة إقليمية ودولية من ضمنها الاتحاد الأفريقي، وقد تم في هذه القمة اعتماد الوثائق التالية بالإجماع: "إعلان إسطنبول للتعاون التركي الأفريقي: التعاون والتضامن من أجل مستقبل مشترك" و "إطار التعاون للشراكة التركية الأفريقية". ووفقا لآلية المتابعة التي تضمنتها وثيقة "إطار التعاون للشراكة التركية الأفريقية" عقد في تركيا بتاريخ 15 كانون الأول 2010 اجتماع كبار المسؤولين. وقد تقرر في هذا الاجتماع ما يلي:

  .عقد مؤتمر إعادة النظر في عام 2011 على مستوى وزراء الخارجية من أجل تقييم عملية التعاون وإجراء الاستعدادات للقمة القادمة -

- عقد الاجتماع الثاني لكبار المسؤولين في عام 2012 في إحدى الدول الأفريقية التي ستحدد لاحقا.

- عقد قمة التعاون التركية الأفريقية في عام 2013 في إحدى الدول الأفريقية التي ستحدد لاحقا.

 ومن جهة أخرى، تمت المصادقة على "الخطة التنفيذية المشتركة للتعاون التركي الأفريقي" التي تشمل الفترة من 2010-2014 وذلك أثناء انعقاد اجتماع كبار المسؤولين في إسطنبول في كانون الأول 2010.

 ومن أجل تعزيز علاقاتها مع الدول الواقعة جنوب الصحراء الأفريقية قررت تركيا زيادة عدد ممثلياتها في هذه الدول وفقا لأهدافها المتعلقة بهذه الدول. وقد أصدر مجلس الوزراء القرارات المتعلقة بهذا الموضوع في الفترة ما بين 13 تشرين الأول 2008 – 11 تموز 2009، فتم بموجب هذه القرارات افتتاح 15 سفارة وقنصلية عامة واحدة جديدة، حيث قامت الجمهورية التركية بافتتاح سفارتها لدى دار السلام (تنزانيا) بتاريخ 18 أيار 2009، وسفارتها لدى أبيدجان (ساحل العاج) بتاريخ 15 تشرين الثاني 2009، وسفارتها لدى ياوندي (الكاميرون) بتاريخ 15 كانون الثاني 2010، وسفارتها لدى أكرا (غانا) ولدى باماكو (مالي) بتاريخ 1 شباط 2010، وسفارتها لدى كامبالا (أوغندة) بتاريخ 28 شباط 2010، وسفارتها لدى لواندا (أنغولا) بتاريخ 2 نيسان 2010، وسفارتها لدى أنتاناناريفو (مدغشقر) بتاريخ 21 نيسان 2010، وسفارتها لدى لوساكا (زامبيا) بتاريخ 15 شباط 2011، وسفارتها لدى مابوتو (موزامبيق) بتاريخ 15 آذار 2011، وسفارتها لدى نواكشوط (موريتانيا) بتاريخ 15 نيسان 2011، وسفارتها لدى هراري (زمبابوي) بتاريخ 30 نيسان 2011. وبذلك يكون عدد السفارات التركية حاليا لدى الدول الواقعة جنوب الصحراء الأفريقية 19 وعددها في أفريقيا 24. كما افتتحت تركيا قنصلية عامة في جوبا بعد اعترافها بجمهورية جنوب السودان بتاريخ 9 تموز 2011 وهو تاريخ إعلان استقلال جنوب السودان، وتجري الأعمال حاليا لتحويلها إلى سفارة.

 ومن المقرر أن تبدأ الممثليات التركية بالعمل في كل من غينيا وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد وغامبيا وناميبيا والغابون والتي تقرر افتتاح سفارات فيها.

 وفي ضوء العلاقات المتطورة توجد في أنقرة سفارات لثماني دول واقعة جنوب الصحراء الأفريقية وهي أثيوبية وغامبيا وجمهورية جنوب أفريقيا وموريتانيا ونيجيريا والسنغال والصومال والسودان. وفي السنوات الأخيرة كانت كل من السنغال في عام 2006 والصومال في عام 2008 وغامبيا في عام 2010 قد افتتحت سفارات لها لدى أنقرة. كما قررت كل من جمهورية كونغو الديمقراطية وكينيا وأوغندة والكاميرون وغينيا ومدغشقر وأنغولا وغانا والغابون وزامبيا افتتاح سفارات لها لدى تركيا. وفي هذا السياق من المقرر أن يصل عدد سفارات الدول الواقعة جنوب الصحراء الأفريقية في تركيا إلى 18.

 وهناك تزايد ملحوظ في عدد الزيارات الرفيعة المستوى إلى القارة الأفريقية. فقد أجرى فخامة رئيس الجمهورية التركية السيد عبد الله غل زيارات رسمية إلى كل من إلى كينيا وتنزانيا في عام 2009 وإلى جمهورية الكونغو الديمقراطية والكاميرون ونيجيريا في عام 2010 وأخيرا إلى غانا والغابون في الفترة ما بين 23-26 آذار 2011.

 وأثناء انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة الرابع للدول الأقل نموا في إسطنبول في الفترة ما بين 9 – 13 أيار 2011 أجرى كل من فخامة رئيس الجمهورية التركية السيد عبد الله غل ودولة رئيس الوزراء السيد رجب طيب أردوغان ومعالي وزير الخارجية السيد أحمد داوود أوغلو 27 لقاء ثنائيا مع نظرائهم من الدول الواقعة جنوب الصحراء الأفريقية. وتم في هذا المؤتمر الإعلان عن حزمة مساعدات سنوية بقيمة 200 مليون دولار اعتبارا من عام 2012 تخصص لمشاريع التعاون التقني والبرامج والمنح تقدم للدول المصنفة على قائمة الدول الأقل نموا والتي تضم في سياقها 33 دولة أفريقية.

 وتنظم تركيا سنويا فعالية "يوم أفريقيا" بتاريخ 25 أيار من كل عام، وقد تم هذا العام تنظيمها بتاريخ 26 أيار 2011 في جامعة بيلكانت بمشاركة فخامة رئيس الجمهورية التركية السيد عبد الله غل كمتحدث رئيسي وضيف شرف.

 كما أن من شأن مجموعات الصداقة البرلمانية بين كل من مجلس الأمة التركي الكبير وبرلمانات الكثير من الدول الواقعة في جنوب الصحراء الأفريقية وعلى رأسها نيجيريا وغانا والسودان وتنزانيا، أن تساهم بشكل كبير في تعزيز العلاقات الثنائية بين تركيا وهذه الدول، ولذلك يتم العمل حاليا على زيادة عدد هذه اللجان البرلمانية.

 تولي تركيا أهمية كبيرة لإحلال السلام والاستقرار في أفريقيا، ولذلك قامت تركيا ببذل ما تستطيع من جهود في سبيل إحلال السلام والاستقرار في أفريقيا انطلاقا من إمكانياتها والإمكانيات التي توفرت لديها نتيجة عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي. كما أن تركيا تقدم دعما بشريا وماليا لخمس بعثات تابعة للأمم المتحدة من أصل ست بعثات تعمل في أفريقيا حاليا.

 ومن ناحية أخرى، عقد في القاهرة بتاريخ 21 آذار 2010 المؤتمر الدولي للمانحين من أجل إعادة إعمار دارفور وتنميته برئاسة مشتركة من تركيا ومصر. وقد أعلنت تركيا في هذا المؤتمر عن أنها ستقدم في الفترة ما بين 2010-2015 ما يقارب 70 مليون دولار كمساعدات لدارفور تخصص غالبيتها للمجالات الصحية والزراعية والتعليمية. كما أن المؤتمرين تعهدوا بتقديم مساعدات لدارفور بقيمة 800 مليون دولار.

 كذلك استضافت تركيا مؤتمر الصومال الذي عقدته الأمم المتحدة في إسطنبول في الفترة ما بين 21-23 أيار 2010.

 كما تطورت العلاقات الاقتصادية وحجم التبادل التجاري بين تركيا والدول الأفريقية في السنوات الأخيرة. فقد ارتفع حجم التبادل التجاري بين تركيا والدول الواقعة في جنوب الصحراء الأفريقية من 742 مليون دولار في عام 2000 إلى 3 مليار دولار في عام 2005 وإلى 5.7 مليار دولار في عام 2008. بينما بلغ حجم التبادل التجاري 4.88 مليار دولار في عام 2009 و 4.36 مليار دولار في عام 2010 وذلك نتيجة التأثيرات التي ولدتها الأزمة الاقتصادية العالمية. (بلغ حجم التبادل التجاري مع كافة الدول الأفريقية 9 مليار دولار في عام 2005 و 15.876 مليار دولار في عام 2009 و 15.710 مليار دولار في عام 2010).

 وفيما يخص التجارة الخارجية لتركيا مع الدول الواقعة في جنوب الصحراء الأفريقية، وبعد الأخذ بعين الاعتبار المرحلة التي وصلت إليها هذه التجارة حاليا والتي لم تعكس بعد القدرات الحقيقية، تهدف تركيا في المرحلة القادمة إلى رفع إجمالي حجم التبادل التجاري مع الدول الواقعة في جنوب الصحراء الأفريقية إلى 50 مليار دولار.

 التزم قطاع الإنشاءات التركي في الفترة ما بين 1972 - 2010 بتنفيذ مشاريع في 89 دولة، حيث تم تنفيذ نسبة 21% من هذه المشاريع في أفريقيا (39 مليار دولار)، وبلغت حصة شمال أفريقيا من هذه المشاريع نسبة 19% وحصة دول جنوب الصحراء 2% (3.7 مليار دولار).

 ومن ناحية أخرى افتتحت رئاسة إدارة التعاون والتنسيق التركية مكاتب لها في كل من أديس أبابا في عام 2005 والخرطوم في عام 2006 ودكار في عام 2007، وقد نفذت هذه الإدارة لغاية الآن مشاريع شملت 37 دولة أفريقية. كما بلغت المساعدات التنموية التي قدمتها المؤسسات العامة التركية لدول جنوب الصحراء الأفريقية 43.729 مليون دولار في عام 2009. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار المساعدات التي قدمتها في نفس السنة منظمات المجتمع المدني التركية بقيمة 52.608 مليون دولار، نرى بأن المساعدات التي قدمتها تركيا إلى دول جنوب الصحراء الأفريقية في عام 2009 قد وصلت إلى 97 مليون دولار. كما انتهت إدارة التعاون والتنسيق التركية في عام 2010 من تنفيذ 70 مشروع في 22 دولة أفريقية. وإذا ما أضفنا المشاريع العائدة إلى مؤسسات القطاع العام الأخرى نلاحظ بأن المساعدات التنموية التي قدمتها تركيا إلى دول جنوب الصحراء الأفريقية في عام 2010 بلغت 39.9 مليون دولار.

 وفي الفترة ما بين 2007 – 2010 أدى حوالي 500 طبيب تركي وأكثر من 100 عامل في المجال الصحي خدمات صحية في كل من السودان وأثيوبية والصومال والنيجر وبنين وغانا وتشاد وتوغو وغينيا بيساو وكينيا ومالي وأوغندة وموريتانيا والسنغال وتنزانيا والكاميرون. وفي هذا الإطار عالج الأطباء الأتراك أكثر من 280 ألف مواطن أفريقي وأجروا عمليات جراحية لأكثر من 53 ألف مواطن أفريقي وفي مقدمتها جراحة الأسنان وجراحة الساد.

 ومن جهة أخرى باشرت الخطوط الجوية التركية في عام 2006 رحلات مباشرة وغير مباشرة إلى الخرطوم وأديس أبابا ولاغوس، وأضافت إليها في عام 2007 رحلات إلى جوهانسبرغ وكيب تاون، وفي عام 2009 رحلات إلى نيروبي (شباط 2009) ودكار (نيسان 2009)، وفي عام 2010 رحلات إلى دار السلام (حزيران 2010) وأنتابا (حزيران 2010) وأكرا (تموز 2010).

 وفي إطار التسهيلات المقدمة لرجال الأعمال الأفريقيين فيما يخص حصولهم على تأشيرات الدخول إلى تركيا، تقرر منح رجال الأعمال من دول جنوب الصحراء الأفريقية ممن يحملون تأشيرات دخول شينغن أو تأشيرات دخول انكليزية أو أمريكية سارية المفعول، تأشيرة دخول لمرة واحدة مدتها 30 يوما كحد أقصى في مطار أتاتورك وذلك اعتبارا من تاريخ 20 نيسان 2011 خلال مرحلة أولى اختبارية مدتها 5 أشهر.

 واعتبارا من عام 2000 ولغاية الآن قامت تركيا بتخصيص منح دراسية لما يفوق الـ 2000 طالب أفريقي، وفي العام الدراسي 2010 – 2011 خصصت منح دراسية لـ 390 طالب في مجالات شهادة الدراسة الجامعية والدراسات العليا والأبحاث واللغات. كما شارك حوالي 100 دبلوماسي أفريقي لغاية الآن في "البرنامج التعليمي الدولي للدبلوماسيين الشباب" الذي تنظمه الأكاديمية الدبلوماسية التابعة لوزارة خارجية الجمهورية التركية منذ عام 1992.