الرقم: 238، التاريخ: 20 تموز/يوليو 2017، بيان حول التصريحات التي أدلى بها وزير خارجية ألمانيا الاتحادية فيما يتعلق بتركيا

على الرغم من أن تركيا وألمانيا دولتان صديقتان وحليفتان توجد بينهما روابط تاريخية، إلا أن العلاقات فيما بينهما تشهد أزمة ثقة حادة في الآونة الأخيرة.

والسبب الرئيسي لهذه الأزمة هو الموقف الذي تتخذه ألمانيا تجاه تركيا والذي يستند إلى معايير مزدوجة. فهي من جهة تغض الطرف عن أعضاء تنظيمي بي كا كا وغولن الإرهابيين اللذين يستهدفان ديمومة الدولة التركية، وهم يتحركون بأريحية على أراضيها، ومن جهة أخرى تتقدم بطلبات لا يمكن قبولها كالإفراج عن الأشخاص الذين تم اعتقالهم أو إيقافهم في تركيا بتهمة الإرهاب، وإعفاءهم من المحاكمة.

وفي الوقت الذي تقوم فيه السلطات الألمانية بعرقلة لقاء أعضاء البرلمان والوزراء الأتراك بمواطنينا المقيمين في ألمانيا، فإنها تعمل أيضاً على إظهار زيارة البرلمانيين الألمان المقربين من التنظيم الإرهابي للقواعد العسكرية الواقعة تحت السيادة التركية في الوقت الذي يشاؤونه، وكأنها حق لهم.

والتصريحات التي أدلى بها اليوم السيد سيغمار غابرييل وزير الخارجية الألماني تعتبر بمثابة آخر مثال على تلك المقاربة الأحادية المنحرفة التي لا يمكن القبول بها.

وما يثير الانتباه هو سعي الوزير غابرييل أيضاً إلى توسيع الجبهة من خلال نقل المشاكل القائمة فيما بين البلدين إلى منابر أوسع عبر هذا التصريح. وهو ما نعتبره انعكاساً للنية الحقيقية لألمانيا.

ولأننا لم نسمح بالتدخل في شؤون القضاء التركي فإن الوزير غابرييل لجأ إلى استخدام العبارات التهديدية كرفع حدة تحذير السفر إلى تركيا، ومعارضة تحديث الاتحاد الجمركي، وعدم تشجيع الاستثمارات، وإعادة النظر في الإسهامات المالية التي يقدمها الاتحاد الأوربي لتركيا.

إن تحديث الاتحاد الجمركي ما هو إلا اقتراح تقدم به الاتحاد الأوربي وهو يأخذ بعين الاعتبار تحقيق مصالحه أيضاً. فالحديث عن صناديق التمويل المقدمة من قبل الاتحاد الأوربي، في وقت لم يف فيه الاتحاد الأوربي لغاية اليوم بكامل الالتزامات الملقاة على عاتقه بموجب اتفاق 18 آذار/مارس، ما هو إلا نهج غير متسق.

أما تحذير السفر فهو تشريع هدفه محرّفٌ عن قصد. وواضح للعيان أنه لا يمكن المساواة بين أشخاص متهمين بارتكاب جريمة ما ويمثلون أمام القضاء بسبب ذلك وبين ضيوفنا الألمان القادمين إلى بلدنا من أجل السياحة.

تمتلك تركيا مفهوماً جاداً للدولة لدرجة أنها لا تتنازل عن استقلالية القضاء ومكافحة الإرهاب والإرهابيين في مقابل أمور مادية كتخصيص القروض والصناديق والاتحاد الجمركي، ولا تخلط بين مكافحة التهديدات الموجهة لمصالحها المصيرية وبين مصالحها المادية.

كما أن تركيا لا تتبنى بأي شكل من الأشكال مفهوم الدولة هذه، التي تخلط بين المصالح السياسية القصيرة الأمد والمواضيع الاستراتيجية. وسيتم الرد أيضاً بالشكل اللازم على نقل الجهود الرامية إلى تحقيق مكاسب من خلال معاداة تركيا والأتراك استناداً إلى دوافع سياسية داخلية، إلى منابر مختلفة.

نريد الإبقاء على رؤية ألمانيا دولة صديقة وحليفة لتركيا. ونتمنى منها أن تتفهم تطلعاتنا المحقة فيما يخص مكافحة الإرهاب وأمن تركيا، وأن تقيّم المصالح المشتركة بين البلدين وفق منظور استراتيجي. كما أن العلاقات فيما بين البلدين يجب أن تسير وفقاً للضوابط والمبادئ المتعارف عليها دولياً، وليس عبر الابتزاز والتهديد. ويتوجب تبني نفس المفهوم وبشكل متبادل حيال الحساسيات القائمة في مجالات حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب والأمن.